الجواب: الحمدُ لله، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمّا بعد:
فقد قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة:286]، وقال: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن:16]، وعليه فمَن كان وحده في مكان ولا يتيسر مَن يصلّي معه في بيت أو في مسجد بقربه، وفي نفسه الرّغبة الصّادقة في صلاة الجماعة، وما منعه مِن حضور صلاة الجماعة إلّا بُعد المسجد الذي تقام فيه الصّلاة، وعدم مَن يأتي إليه في المسجد القريب ويصلّي معه: فإنّه يُرجى أن يكتبَ اللهُ له أجر الجماعة.
وأنت -أيّها السّائل- إمامٌ في المسجد القريب منك، وحضورك للمسجد ولا أحد يحضر معك هو المستطاعُ لك، ولا أرى أنّه يجبُ عليك الحضور لذلك المسجد القريب، والواقع ما ذكرتَ مِن أنّه لا يأتي لهذا المسجد غيرُك بحكم أنّك إمامٌ فيه، ولم يتبيّن مِن كلامك السّبب في أنّه لا يأتي للمسجد أحد غيرك؛ هل هو عدم الجيران الذي يهتمّون بالصّلاة؟ أو أنّ هناك سلطة تمنع إقامة الجماعة في هذا المسجد، وظاهر كلامك أنّ هذا الأخير هو السّبب في عدم إقامة الجماعة في ذلك المسجد، ولكن إذا كان يمكنك حضور الجماعة في المسجد البعيد بلا حرج: فهو أفضل وأولى، وإن كان في ذلك مشقة: فنرجو أنّ الله يغفر لك ويكتب لك أجر صلاة الجماعة؛ لأنّك لم تتركها اختيارًا بل اضطرارًا.
كذلك لم تذكر لنا ما يقام في المسجد مِن الأعمال في الدّعوة والتّعليم، وإن كان لا يُقام فيه صلاة جماعة ولا دروس ولا صلاة جمعة، فبناء المسجد خسارة، ولعلّك ترسل إلينا بخبر هذا المسجد بالتفصيل، ومِن العجب بناؤه بين معابد اليهود والنّصارى، وإذا كان المسجد معطَّلا -كما ذكرتَ- فينبغي السّعي في نقله إلى مكان يُنتفع فيه بالمسجد، وذلك ببيع أرضه وشراء أرض أخرى يقام عليها المسجد، ونسأل الله أن يصلح أحوالكم؛ إنّه سميع مجيب.
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك
حرر في: 21-4-1438 هـ