الوضوءُ مِن غسلِ الميتِ مُستحَبٌّ غيرُ واجبٍ
غسلُ الميتِ لا يوجِبُ الوضوء على الصَّحيح، وهو قول الأئمة الثَّلاثة [1]، والنَّقضُ به مِن مفردات المذهب [2]، وعوَّلوا في ذلك: على آثار جاءت عن جماعة مِن الصَّحابة في ذلك. [3]
وقال آخرون: إنَّ تغسيل الميتِ لا يوجبُ الوضوءَ، لكن غايته أن يُستحَبّ [4]، وحملوا الآثار الواردة في ذلك على الاستحباب.
وجاءَ عن النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (ليسَ عليكم في غُسلِ ميِّتِكم غُسلٌ إذا غسَّلتموه، إنَّ ميِّتَكم يموتُ طاهرًا وليسَ بنجَسٍ، فحسبُكم أن تَغسِلوا أيديَكم) [5]
استُدلّ بهذا على عدم وجوب الوضوء، فضلاً عن وجوب الغسل !
ولهذا نقول: الرَّاجح أنَّ تغسيل الميت لا يوجبُ الوضوء، لكن غايته أن يُستحَبّ استحبابًا؛ للآثار المرويَّة في ذلك. [6]
وأثر ابن عباس: أخرجه عبد الرزاق 6101 والبيهقي 1459 من طريق ابن جريج، عن عطاء قال: سئل ابن عباس أعلى من غسل ميتا غسل؟ قال: «لا، قد إذن نجسّوا صاحبهم! ولكن وضوء»
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. وفيه رفض لحديث مختلف فيه على محمد بن عمرو بأسانيد: من غسل ميتا فليغتسل "
وقال البيهقي: "هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة كما أظن"
وتعقبه الحافظ في "التلخيص" 1/372 بقوله: "أبو شيبة، هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتج به النسائي، ووثقه الناس، ومن فوقه احتج بهم البخاري" ثم قال: "فالإسناد حسن". وقال في التهذيب 1/138، رقم 242: "وهم البيهقي في ذلك، وكأنه ظنه جده إبراهيم بن عثمان، فهو المعروف بأبي شيبة أكثر مما يعرف بها هذا"
وأخرجه البيهقي 1461 من طريق معلى، ومنصور بن سلمة، قالا: ثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفًا. قال الألباني وشعيب: وهو أصح.
واختلف حكم الألباني على هذا الحديث، فحسّن إسناده في "أحكام الجنائز" ص53، رقم 31 تبعًا للحافظ، ثم تراجع عن تحسينه وضعّفه في "الضعيفة" 13/665، رقم 6304 وفي الحديث مناقشات. ينظر: "البدر المنير" 4/657 و"الضعيفة" 13/665، رقم 6304
