يجبُ الوضوءُ مِن مَرقِ الإبلِ ولبنِها احتياطًا، والقولُ بالوجوب متوجّهٌ
أيضًا القائلون بالنَّقض يختلفون في مَرَق الإبل ولبنها، أمّا الذين يقولون "لا ينقض": فهؤلاء مذهبهم يسير، لا ينقض شيء مِن أجزاء الإبل: لا لحم، ولا غيره، ولا اللبن، ولا المرق، لكن كلّ هذه الخلافات عند مَن يقول بالنَّقض.
وفيه عن الإمام أحمد روايتان [1]، في كلّ منهما، في المرقِ وفي اللبنِ، وقد روي في لبنِ الإبل حديث [2] فيه دلالة على أنَّه كذلك، وأنَّه ينقضُ الوضوء.
وفي الحقيقة: القولُ بالنَّقض متوجّه؛ لأنَّ الحكمة التي ذكروها: أنَّ الإبل حيوانٌ مِن الحيوانات التي فيها شراسة، وفيها شيطنة [3]، وقد وردَ أنَّها خُلقت مِن جنّ، أو مِن شياطين [4]، ويؤيّد هذا: النَّهي عن الصَّلاة في مباركها، وأعطانها. [5]
فإذا كان كذلك: فهذه الطَّبيعة الموجودة في لحمها وأجزائها، هي موجودة في لبنها مِن باب أولى؛ لأنّه خلاصتها، اللبن خلاصة مِن الحيوان: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ[النحل:٦٦] والمرقُ كذلك.
ولكن مع هذا الخلاف غايةُ الأمر أن نقول: إنَّ الوضوء مِن اللبن ومِن المرق: ينبغي احتياطًا، على الأقل احتياطاً، وإذا قيل بالوجوب فهو متوجه؛ لأن الطبيعة واحدة، والحكمة التي ذكروها موجودة في هذا وهذا، والله أعلم[6]
قال الترمذي بإثر حديث 81: "وقد روى الحجاج بن أرطاة هذا الحديث، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، والصحيح حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب"
وقال البوصيري في "الزوائد" 1/71: "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حجاج بن أرطاة وتدليسه، لا سيما وقد خالف غيره، والمحفوظ في هذا الحديث: الأعمش، عن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء"
